اقتصاد و تسير بترولي
طبيب صالح يرحب بك في منتدى الاقتصاد و التسير البترولي و يتمنى لك عضوية مميزة بيننا و نرجوا الا تحرمنا من ردودك على المواضيع



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اقتصاد و تسير بترولي
طبيب صالح يرحب بك في منتدى الاقتصاد و التسير البترولي و يتمنى لك عضوية مميزة بيننا و نرجوا الا تحرمنا من ردودك على المواضيع

اقتصاد و تسير بترولي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بحث حول تطور الإقتصاد الجزائري من 1962.....إلى غاية التسعينات

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

بحث حول تطور الإقتصاد الجزائري من 1962.....إلى غاية التسعينات   Empty بحث حول تطور الإقتصاد الجزائري من 1962.....إلى غاية التسعينات

مُساهمة من طرف طبيب صالح الإثنين نوفمبر 29, 2010 8:37 pm

مقدمة

شهد الإقتصاد الجزائري مند الإستقلال تحولات و تغيرات هامة أملتها الظروف و التحولات التي سهدتها كل من الساحتين الوطنية و الدولية و هدا على كافة الأصعدة الإقتصادية ’ الإديولوجية , السياسية ....فنجدها غداة الإستقلال قد تبنت استراتيجية وفق نظرةاستراكبة قاءمة على أساس التخطيط المركزي و هيمنة القطاع العام على الإقتصاد , لكن سرعان ما بدأت هده الإستراتيجية تكسف عن بوادر الصعف و الإختلال و هدا ابتداء من سنة 1986 بفعل الأزمة النفطية المعاكسة و تأثيرها السلبي على اللأقتصاد الجزاءري الدي دخل في أزمة حادة جفعت بالجزار ابتداء من مطلع التسعينات إلى تبني خيار اقتصاد السوق كبديل لأقتصاد الموجه.

و قد رافق هذا التحول قيام الجزائر بجملة من التدابير و الاصلاحات الاقتصادية المتتالية و الواسعة و التى مست جمبع جوانب الناطات الاقتاصدية بمختلف القطاعات , سواء تلك الاصلاحات التى كانت بارادة الدولة أو أصطلح عليها بالإصلاحات الداتية و التى بدات معالمهاا مند سنة 1986 , أو التى جاءت في اطار الاتفاقيلت المبرمة مع الصندوق النقد الدولي و البنك العالمي.

كما أن مسار الإصلاحات لم يتوقف بإنهاء تطبيق برامج التعديل الهيكلي سنة 1986 الدي طبق من قبل الجزاءر تحت إﺷراف صندوق النقد الدولي , بل لازال التغير مستمر و متواصل إلي حد اليوم و أن الاقتصاد الجزاءري يهد حاليا انفتاحا متزايدا على العالم الخارجي

سنحاول من خلال هادا الفصل تسليك الضوء علي مسيرة تطور الاقتصاد الجزاءري مند الاستقلال الى غاية اليوم مع التركيز علي فترة التسعينات , و هادا من خلال تحديد أهم المراحل التى مر بها و كدا تبيان أهم الإصلاحات و التدابير التى قامت بها الجزاءر خاصة في السوق التحول إلي اقتصاد السوق.




المبحث الاول : مسيرة الاقتصاد الوطني قبل التسعينات


تمهيد:

هدت الساحة الجزاءرية مند الاستقلال تحولات و تغيرات هامة إملتها الظروف و التحولات التى كانت علي الساحتين الوطنية و الدولية و هادا على كافة الاصعدة الاقتصادية , الايديولوجية , السياسية , وحتى التخطيط المركزي و هيمنة القطاع العام على اقتصاد مع التركيز على الصناعات الثقيلة و استبعاد الاسثمار الاجنبي.

المطلب الأول : الاقتصاد الوطني دو التوجه الاشتراكي ­– 1962* 1979—

لقد كان برنامج طربلس سنة 1962 أول النصوص الاساسية التى تحكم السياسية الاقتصادية و الاجتماعية للدول الجزارية , و دون التخطيط المركزي الاقتصاد الوطني ثم تلته التريعيات الاخري المظمة للحياة الاقتصادية وفق المنهج الاتراكي كميثاق الجزاءر سنة 1964 و المثاق الوكني سنة 1976.
اتبعت الجزائر غداة الاستقلال نمودجا اشتراكيا للتنمية , قائم على احتكار الدولة لمعظم الناط الاقتصادي مع التركيز على الصناعات المصنعة و خفظ الاعتماد على الاستثمار الاجنبي, و يقوم هادا النمودج اساسا على التخطيط المركزي الإقتصاد من خلال المخطاطات التنموية
)المخطط الثلاثي الأول و المخطط الرباعي الأول و التاني ( كما علمت الجزائر انداك على إرساء قواعد الإقتصاد الموجه من خلال الفيام بسلسلة من التامينات التى مست جل القطاعات الإقتصادية إبتداء من قطاع الماجم سنة 1966 و قكاع البنوك سنة 1967 و المحروقات سنة 1971.
بالاظافة الى هادا فإنها عمدت إلي أعادة تنظيد الاقتصاد اوطني من خلال إعادة تنظي القطاعات الاقتصادية , فنجد قطاع الفلاحة تمت إعادة هيكلته و تنظيمه من خلل ميثاق الثورة الزراعية سنة 1971 , بعدما كان هادا القطاع يسير ةفق نظام التسير الداتي سنة 1963 , أما القطاع العام تمت هيكلته من خلال إصدار قانون التسير الاشتراكي للمؤسسات الاقتصادية سنة1971.
و في إطار التخطيط المل كان يعتمد على المؤسسات العمومية في توفير معظم الإحتياجات و الخدامات , حبث كانت لكل مؤسسة خطتها السنوية, و كانت جميع المتريات من لوازم الإنتاج و توزيع المنتجات لهده ااخيرة تخظع لموافقة السلطات المركزية, و خظعت جميع الأسعار للمراقبة , و كانت معظم إستثمارات المؤسسة العامة تمول مباشرة من الخزينة العمومية.
لقد حققت هده الاستراتيجية بعظ النجاح خاصة من الناحية الاجتماعية , و قد تستند في تمويلها على ارادات صادرات المحروقات التى عرفت إرتفاعا كبير بفعل إرتفاع اسعلر المحروقات من الإيرادات الصادرة سنة 1978, ما يعادل 96.1 .


المطلب التاني : مسيرة التنمية الإقتصادية خلال عشرية الثمنيات

جاءت عشرية الثمانينات مع إنطلاق المخطط الخماسي الأول )80-84( معلنة بداية الإصلاحات جذرية نضرا لكون الإقتصاد الجزائري بدأ يكشف عن علامات من الضعف .
فقد كانت المؤسسة مستهدفة بعملية إصلاح شامل نضرا لكون النتائج المحققة من الاستثمارات الضخمة التى قامت بها الجزائر خلال السبعينات لم تكن في مستوي الطموحات , فالامؤسسات التى كان ينتظر منها ان تبلغ مستةي النضج في بداية الثامينات لم تقم بالدور المنوط بها.
فبداية الاصلاحات كانت باصدار المرسوم رقم 80-242 بتاريخ 14/10/1980 خاص بأعادة هيكلة المؤسسات العمومية, اذ في نهاية سنة 1983 تمت تجزئة نحو 100 مؤسسة عمومية تظم 4/3 من النشاط الاقتصادي إلي 500 مؤسسة جديدة تقريبا
و قد كانت الغاية من سياسة اعادة الهيكلة انذاك هي :
ادخال المزيد من المرونة بالسعي الى تخصيص المؤسسات , و الفصل بين مهام الإنتاج و التوزيع و تقليص أحجامها
اعتماد اللا مركزية قصد النهوض بالأقتصاد المحليو الجهوي , و هادا ما جسده اقامت مقرات للشركات في مختلف أنحاء الوطن.
لقد كان للازمة البترولية المعاكسة سنة 1986 ثاثير بالغ الاهمية على الأقتصاد الوطني , حيث اصبحت مظاهر الجمود و الضعف في نظام التخطيط المركزي اطثر و ضوحا الشىء الدي ادي بالجزائر الى الدخول في موجة جديدة من الأصلاحات الاقتصادية التى عرفت التجسيد في نهاية 1987 بإصدار قانون رقم 87/19 المتعلق باعادة هيكلة القطاع الفلاحي حيث تم تقسيم حوالي 350 مزرعة حكومية كبيرة الى تعاونيات خاصة و مزارع فردية, تتمتع بحقوق الاستغلال الطويلة الاجل و هادا بغية النهوض بهادا القطاع الدي عانى الإهمال في المخطاطات التنموية السابقة , فنجد ان نصيب القطاع الفلاحي من الاموال المستثمرة كان ضعيفا جدا 20% في الفترة ] 1967- 1969 [, 1% في الفترة
] 1970-1973[ و 7.3% في الفترة الفترة ]1974 – 1977[ .
كما تم اصدار القوانين جانفي 1988 المتعلقة باستقلالية العمومية , كنمط جديد لتنظيم القطاع الاقتصادي في الجزائر حيث منحت جميع المؤسسات العمومية تقريبا استقلال من الوجهتين القنونية و التشغلية يمكن القول أن الاصلاحات الاقتصادية التى انتهجت في الجزائر منذ مطلع الثمنينات عرفت فاشل على المستوي الإقتصادي ,فند ان مثلا سياسة اعادة الهيكلة المتعلقة بالمؤسسات العمومية لم ترقي الى مستوي الاهداف المنتظرة حيت بلغ العجز المالي ما بين الفترة ]1984-1987 [ لهاذه المؤسسات 125 مليار دينار او ما يعادل 18,5 مليار دولار كما ان ضروف الخارجية لم تكن في صالح الجزائر , اذن ان انخفاض اسعار النفط سنة 1986 و قيمة الدولار التى كانت عملة العامل في مجال المحروقات اديا الى انخفاض كبير في ارادات الجزائر من 13 مليار سنة 1985 الى 7 مليار دولار سنة 1986
و بفعل الاختلات الكبيرة التى بدا يعرفها الاقتصاد الو طني , كان يجب اجاد البديل للسياسة المنهجة منذ الاستقلال, و دالك بالقيام بسلسلم من الاصلاحات الهيكلية قصد تحول من الاقتصاد موجه الى اقتصاد السوق.



المبحث الثاني : التحول من الاقتصاد موجهإ إلي اقتصاد السوق

تمهيد :


نظرا للضروف التي عايشتها الجزائر اثناء تبنيها النظمام الاشتراكي و ماأدثه من تصدعات في الاقتصاد, كان لاب علي الجزائر من تغير نظامها الاقتصادي الى الاحسنو قد رافق هاذا التحسن قيام الجزائر بجملة من التدلبير و الاصلاحات الاقتصادية المتتالية و الواسعة النطاق و التي مست جميع جوانب النشاطات الإقتصادية بمختلف القطاعات.

المطلب الاول : دوافع التحول إلى اقتاص السوق
تعدالفترة الثانية من عشرية الثمانيات بداية انعطاف عنيف لظروف الجزائر الاقتصادية و الاجتماعية و بين الانخفاض المستمر لسعر البترول و قيمة الدولار في منتصف هاذه العشرية عن و جود إختلالات هيكلية في الاقتاد الوطني ادت بها الى اجراء سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية بغية التحول الي اقتصاد السوق , و لعل اهم هذه الدوافع التى ادت الى هذا التحول الجدري مايلي :
الفرع الاول : الدوافع الداخلية
أرتفاع معدل التضخم : السبب يعود الى التوسع المستمر للكتلة النقدية M2 حيث عرفت زيادة ب 20 % كل سنة و هاذا منذ بداية الثمانينات و يرجع هذا الي :
* العجز النقدي للخزينة حيث بلغ 190 مليار دج ) ما يعادل 9,5 مليار دولار( و كدا العجز المالي للوؤسسات العمومية المغطي من طرف البنوك الإبتدائية بواسطة تمويل من البنك
* الجزائر و البالغ 126 مليار دينار) ما يعادل 6 مليار دولار(
* نقص التسير البنكي , ففي نهاية 1990, كانت 50 % من الكتلة النقدية المتداولة خارج المسار البنكي أي ما يعادل 170 مليار دج .
* التطور الكبير للأجور من دون أن يقابله تطور في الانتاجية,إذ في الوقت الذي عرفت فيه هذه الأخيرة إنخفاضات , فإن الأجور عرفت إرتفاع بنسبة 33 %

2- العجز المتواصل في الموازنة العامة : حيث كان رصيد الميزانية في أغلب الأوقات لفترة الثمنينات في حالة عجز كما يوضحه الجدول التا :



السنوات
البيان 85 86 87 88 89 89
مجموع الإيرادات 36,8 32,3 30,5 26,7 27,6 28,4
مجموع النفقات 46.4 37.8 37.8 31.4 29.6 25.3
الرصــــيد 9,6- 5.5- 3.9- 4.7- 2- 3.1

إعتماد الميزانية في مواريدها عى إيرادات المحروقات , التي تعتبر غير مستقرة و مرتبطة بأسواق عالمية , حيث أن إنخفاض سعر البرميل الواحد من البترول من 27 دولار سنة 1985 إلى 14 دولار سنة 1986 أدى إلى تقليص في الموارد قدره 4.8 مليار دولار
تزايد النفقات العامة بفعل تزايد النفقات التجارية, وعدم كفاءة الإدارة الجبائية في التحصيل الضريبي نظرا للسلبيات الكبيرة للجهاز الضريبي .و كذلك انتشار ظاهرة التهرب الجبائي.
ركود الجهاز الإنتاجي و عدم مرونته , حيث يمكن ترجمة هذا الركود في التراجع الكبير لنسبة النمو الإقتصادي , كما بينه الجدول التالي :


السنوات
البيان 1985 1986 1987 1988 1989 1990

إجمالي الناتج الداخلي PIB 5.6 -0.2 -0.7 -1.9 -4.9 -1.3

نلاحظ من الجدول أنه باستتناء 1989 كان إجمالي الناتج الداخلي ينموا خلال بقية الفترات بمعدلات سلبية
و كنتيجة لركود الجهاز الإنتاجي و إنخفاض حجم الإستثمارات , فإنه أصبح من الصعب تلبية طلبات التشغيل التي بدأت تعرف إرتفاعا مند 1986 , و هكذا بدأت أزمة البطالة تظهر للعيان ,فارتفعت معدلات البطالة من 16.5% سنة 1985 إلى 17% سنة 1987 , 19% سنة 1989

الفرع الثاني : الدوافع الخارجية

بعد التطرق للأسباب الداخلية , فإنه سوف نبرر أهم الأسباب الخارجية و هذا من خلال إظهار الإختلالات الهيكلية الخارجية و التي منى أهمها :
تفاقم المديونية و عبء خدمة الدين , حيث إرتفعت الديون إلي 18.46 مليار دولار سنة 1985 بعد أن كانت 16.16 مليار دولار 1981 , إلى أن وصلت 24.94 مليار دولار سنة 1989 و الجدول أدناه يبين ذلك :


السنوات
1980 1984 1985 1986 1987 1988 1989

مجموع الديون
19,23 16,16 18,44 22,77 26,94 24,66 24,94
,1998 l , edition CASBAH , Alger ,
كما أن خدمة الدين عرفت معدلاتها تزايدا كبيرا , فأصبحت تلتهم أكثر من 80% من حصيلة الصادرات , فتطورت من 0.3مليار دولار سنة 1970 إلى 5 مليار دولار سنة 1987 إلى أن وصلت 7 ملايير دولار سنة 1989.
- صعوبة دخول الجزائر إلى الأسواق العالمية , و هذا إبتداء من سنة 1987 , و ذلك لتشكيك دائنو الجزائر في مقدرتها على الوفاء بالدين خاصة بعد إنهيار انهيار أسعار النفطة في السوق العالمية في منتص الثمانينات .
إبتداء من سنة 1987 عملت الصلطات المالية للبلاد بالامركزية في تسير المديونية الخارجية , و سمحت للمؤسسات العمومية بتحويل القروض التجارية في شروط غير الملائمة , أي قروض محولة بتكاليف عالية أو قصيرة الأجال .
عدم التنوع العملات المكونة بالديون الخارجية , بحيث تتكون من أربعة عملات الرئيسية وهي :
الدولار الأمريكي ’ الين اليباني مارك الألماني و الفرنك الفرنسي حيث أن هذه الهيكلة أثرت بشكل سلبي عتى حجم المديونية فانخفاض قيمة الدولار مابين 87 و88
مما أدى إلى زيادة حجم الديون بنسبة 30% من دون إقتراض جديد valorisation de la dette
المطلب الثاني : الإصلاحات الإقتصادية بعد 1994
في بداية 1994 , طرأ تدهور أخر في الإختلالات الشديدة التي كانت سائدة في الإقتصاد الجزائري , إذ حدث انخفاض أخر في الأسعار النفط و صاحبه تدهور الوضع الأمني تهرب التمويل الخارجي , مما قاد الإقتصاد على حافة الأزمة في ميزان المدفوعات , و الذي اتسم بخسائر في الإحتياطات و التي وصلت إلى أقل من 1.5 مليار دولار , أي حوالي شهر من الواردات , و من جراء هذه الوضعية المزرية , اضطرت السلطات إلي صياغة برنامج شامل للتصحيح الهيكلي و الذي حظي بمساندة صندوق النقد الدولي في ماي 1994.
و ذلك من خلال عقد اتفاق للا ستعداد الإنتمائي مدته سنة , تم ابتداء من 1995 من خلال عقد اتفاق التمويل الموسع لمدة ثلات سنوات .
لقد كان البرنامج الإصلاح القائم مند 1994 يرمي إلى أربعة أهداف رئيسية :
رفع معدل النمو الا قتصادي بغية استيعاب الزيادة في القوة العاملة و خفض البطالة تدريجيا .
- الاسراع في تحقيق التقارب بين معدلات التضخم السائدة في الجزائر مع المعدلات السائدة في البلدان الصناعية .
- خفض التكاليف الانتقالية للتصحيح الهيكلي للقطاعات السكانية الاكثر تضررا .
- استعادة قوة ميزان الدفوعات مع تحقيق مستويات ملائمة من احتياجات النقد الاجنبي .
ولانجاز هذهالاهداف قررت الجزائر تخفيف الضغوط الفورية الناتجة عن ارتفاع اعباء خدمة الدين .وذلك بتطبيق برنامج شامل لاعادة جدولة الديون بما يزيد عن 17 مليار دولار على مدى سنوات البرامج الاربع . خاصة وانها وجدت نفسها امام توقف شبه كلي عن تسديد ديونها ، اذ تجاوزت نسبة خدمة 100 % من مداخيل التصدير خلال الثلاثي الاول من سنة 1994.وعليه ،شرعت الجزائر في تطبيق برنامج شامل لاصلاح الاقتصادي مس مختلف الجولات .
الفرع الاول : السياسة المالية :
نظرا لمحدودية موارد الدولة و ارتباطها بصفة أساسية بالمداخيل الناتجة عن تصدير المحروقات التي تتحدد أسعارها خارج ارادة الجزائر ، وبالتالي تذبذب عائداتها ، كان على الحكومة اتباع سياسة مالية محكمة وصارمة ، لاتعمل على تقليص العجز المسجل ، بل تعمل على انشاء فوائض للميزانية .
ففي جانب الإنفاق ،عملت الجزائر على ترشيد الإنفاق الحكومي من خلال اتخاد عدة اجراءات من بينها اتباع سياسة دخول مشددة ،تحرير الأسعار وتحسينترترتيب الأولويات لمشاريع الإستسمارات العامة . أما من جانب الواردات فقد استثمر اعتمادها على محصلات الصادرات الهيدروكاربونية وذلك بدرجة مرتفعة ،غير أن هذا لم يمنع السلطات من محاولة تحسين مواردها خارج المحروقات ،وهذا عن طريق ترقية النظام الضريبي وجعله أكثر فعالية ،فمنذ عام 1993،اتجهت الإصلاحات أساسا الى تحسين هيكل النظام الضريبي الذي طبق سنة 1992 وذلك باتخاذ عدة تدابير منها:
1-منح قانون الإستثمارات سنة 1993معاملة خاصة للاستثمار في مجالات محددة بالإضافة إلى نظام يعطي مزايا ضريبية للمستثمرين المقيمين وغير المقيمين بالنسبة لجميع القطاعات بخلاف القطاعات المحجوزة لدى الحكومة .
2- جرى تبصير ضريبة القيمة المضاف في1995 ، بإلغاء أعلى نسبة وهي 40%وتحديد الحدالأقصى ب 21%، وتوسيع نطاق الضريبة تدريجيا لتشمل قطاعي المصاريف والتأمين والأنشطة المهنية والمنتوجات البترولية . إضافة إلى ذلك ، فابتداء من جانفي 1997 ،تم رفع المعدل من 13%إلى 14 % ونقل عدد المنتجات الخاضعة لمعدل خاص وهو 7% إلى % ، اما في الوقت الحالي فتطبق ثلاث معدلات للضريبة على القيمة المضافة وهي 7% ، 1% و21% .
3 ـ أعيدت هيكلة معدلات ضريبة الدخل علة الأفراد والشركات في عام 1994 لتخفيف الوقع الضريبي وزيادة القاعدة الضريبية ، فقد خفض معدل الضريبة على أرباح الشركات من 42 % إلى 38 % ليصل حاليا إلى 30 % ، أما بالنسبة إلى الأرباح المعاد استثمارها فكان 33 % ، أما حاليا فيقدر بـ 15 % .
الفرع الثاني : إصلاح السياسة النقدية والقطاع المالي :
بالرغم من التغيرات المؤسسية التي مست القطاع المالي في الجزائر ، خاصة بعد اصدار قانون النقد والقرض ، إلا أنه ظل مثقل في وقت مبكر من عام 1994 بالتركة المتوارثة عن عدة عقود من الادارة الاقتصادية للحكومة ، وبصفة خاصة ظلت الضوابط المباشرة على أسعار الفائدة عند مستويات أقل من مستويات السوق ، مما حد من استخدام الأدوات الغير مباشرة على النقد والقرض ، وعلاوة على ذلك ، لم يتمكن الجهاز المصرفي من العمل وفقا لقواعد السوق في وقت كان فيه الكثير من العملاء ( المؤسسات العامة ) في وضع مالي متعسر ، فإصلاح القطاع المالي لا يمكن أن ينجح إلا إذا نفذت إصلاحات المؤسسات العامة في الوقت نفسه ، وقد تم اتخاذ جملة من التدابير الاصلاحية أهمها :

1 ـ تحرير أسعار الفائدة :
حررت أسعار الفائدة على ودائع البنوك التجارية في ماي 1990 ، ولكن أسعار الفائدة على الاقتراض من البنوك التجارية ظلت خاضعة لحد أقصى نسبته 20 % سنويا ، ونتيجة لذلك ظل هذان النوعان من أسعار الفائدة سالبين من حيث القيمة الحقيقية خلال الفترة [ 1993 – 1994 ] لأنهما لم يعكسا الضغوط التضخمية المتزايدة ، لكن اتخذت خطوة هامة بموجب برنامج الاصلاح لعام 1994 ، عندما أزيل الحد الأقصى على أسعار الإقتراض من البنوك التجارية للجمهور .
وفي النهاية أدى تحرير أسعار الفائدة مع تراجع معدلات التضخم بفعل سياسة إدارة الطلب الأكثر تشددا إلى ظهور أسعار الفائدة الحقيقية الموجبة منذ بداية 1996 (1) .

2 – الترتيب الخاص بالنقد الأجنبي :
حيث ألغيت جلسات تحديد أسعار النقد الأجنبي في بنك الجزائر ، وإنشاء محلها سوق النقد الأجنبي بين البنوك في ديسمبر 1995 ، ولتحسين الحصول على النقد الأجنبي ، سمح بنك الجزائر بإنشاء مكاتب الصرف في ديسمبر 1996 ، وقد ساعدت هذه الإجراءات في تعزيز نظام سعر الصرف .

3 – التنظيم النقدي :
لقد فرض البنك المركزي في أكتوبر 1994 على البنوك التجارية شرطا ينص بوجود احتياطي ممول لديها بنسبة 3 % من مجموع الودائع مع استبعاد الودائع بالعملة الصعبة ، وبدأ العمل بمزادات إعادة الشراء في ماي 1995 لتوفير السيولة للبنوك التجارية ، وكان الهدف من المزادات هو زيادة دور أسعار الفائدة من خلال تطبيق ممارسات السوق التنافسية ، وضمان المزيد من الشفافية بخصوص معايير توزيع الإئتمان .
وأخيرا ، طبقت عمليات السوق المفتوحة رسمي في أواخر 1996 ، والتي كانت بداية نشاطها صعبة بسبب السيولة الزائدة في الجهاز المصرفي وقلة عرض الأوراق القابلة للتداول (2) .

4– إعـادة هـيكـلة البـنـوك :
كان أبرز متطلبات الجهاز المصرفي للقروض الهالكة الكبيرة الحجم ، التي منحتها البنوك للمؤسسات العمومية ، ونتيجة لذلك عرفت البنوك تدفقات مالية كبيرة خلال التسعينات بفضل تطبيق الحكومة لإجراءات إعادة الرسملة وشراء القروض مقابل تكاليف أرهقت كثيرا الخزينة ، ويقدر صندوق النقد الدولي أن هذه الإجراءات استهلكت 45 % من إجمالي الناتج المحلي بين عامي 1991 و1999 . وإضافة إلى مشكلة معالجة الديون ، فإنه تم العمل على وضع استراتيجية منذ 1997 لتحسين أكثر لأداء القطاع المالي والتي عملت على :
تأسيس بنوك جديدة وفتح رؤوس أموال البنوك الحكومية .
دخول البنوك الأجنبية التدريجي إلى البلاد .
إنشاء سوق الأوراق المالية .
متابعة إعادة الهيكلة التنظيمية للبنوك العمومية .
وبالنظر إلى نتائج هذه السياسة ، فإننا نلاحظ أن البنوك العمومية لم تعد بمنأى عن المنافسة ، فقد عرفت الساحة المصرفية تدفق مستمر ومتزايد للمؤسسات المالية المحلية الخاصة ، على غرار << الخليفة بنك >> المؤسسة الوطنية للبنك " CAB "
البنك الجزائري الصناعي والتجاري " BCIA" ، والأجنبية مثل : سيتي بنك ، يونيون بنك ، المؤسسة العربية المصرفية " ABC " ....
وقد ساهمت هذه المنافسة في إعطاء دفع جديد لإصلاح البنوك العمومية من خلال تحسين أداءها ونوعية الخدمات ، ومحاولة القضاء على الأسلوب البيروقراطي في التعامل مع مختلف المتعاملين معها .
أما الإجرءات المتعلقة بإصلاح المؤسسات المالية لسنة 2002 ، فتعلقت بمشرع فتح رأسمال البنوك العمومية ، وفي سياق هذه التحولات تم اعتماد ثلاث بنوك عمومية من قبل مجلس القرض والنقد ، وهذا قصد تطهيرها واعتماد رسملتها تمهيدا لفتح رأسمالها ودخولها في شراكة مع بنوك أجنبية ، وتضاف هذه القائمة إلى البنك الوطني والجزائري والقرض الشعبي الجزائري اللذان استفادا من نفس الإجراء (1) .
كما تجدر الإشارة أن السوق المالية شهدت انظلاق عملها حتى وإن كان في بداية الطريق ، وذلك بإنشاء بورصة الجزائر سنة 1998 ، والتي تتداول فيها أسهم ثلاث شركات وهي : صيدال ، رياض سطيف ، سوناطراك ، بالإضافة إلى فندق الأوراسي ، وهدف البورصة في الوقت الحالي هو التركيز على إعادة تمويل القطاعات الإقتصادية والمشاركة في عمليات الخوصصة عن طريق فتح رأسمال الشركات (2).
الفـرع الثـالث : الإصـلاحات الهـيكـلية للمـؤسسات العـمومـيـة :
لقد بذلت السلطة جهودا قبل سنة 1994 نحو إعادة هيكلة المؤسسات العمومية ، إذ قامت بمنح معظم المؤسسات العامة الإستقلالية القانونية والمالية ، مع إعادة تأهيل هذه المؤسسات بإعفائها من الديون من خلال الخزينة العمومية ، واستبدال الديون القائمة في ذمتها اتجاه البنوك التجارية بسندات حكومية ، غير أن هذه الإصلاحات لم تثبت فعالية لسببين رئيسيين هما :
لم تتمكن السلطات من منع التراكم المتزايد في خسائر المؤسسات العمومية .
لم تشمل الإصلاحات على إعادة الهيكلة الفعلية للمؤسسات العامة .
ولكن منذ سنة 1994 ، بدأت السلطات في التصدي لهذه النقائص وذلك أساسا بإخضاع جميع الشركات العامة لقيود مالية أكثر تشددا ، خاصة مع تطبيق آلية البنوك / المؤسسات في سبتمبر 1996 ( Dispositif . Banques . Entreprises )
وكان الهدف الفوري من الآلية التصدي لعمليات السحب على الكشوف المتراكمة بأسعار فائدة عالية من جانب المؤسسات العالمة ، ثم استعادة أوضاعها المالية بشكل تدريجي .
وبعد إجراء لتدقيق مالي لحسابات 399 مؤسسة ، قامت البنوك التجارية والشركات القابضة ( Holding ) التي تضم جميع المؤسسات العالمة ، بالإشتراك ممثلين عن البنك المركزي والخزينة لتحديد الوحدات الإنتاجية القادرة على الإستمرار وتلك المتعثرة ، ووضعت خطة لتطبيع العلاقة المالية بين المؤسسات القوية اقتصاديا والجهاز المصرفي ، مع تجميع نسبة كبيرة من المسحوبات على المكشوف في شكل قروض متوسطة الأجل بأسعار فائدة منخفضة ، وقد بلغ عدد المؤسسات التي استفادت من هذه الخطة حوالي 206 مؤسسة ، أما المبلغ المخصص لهذه العملية فقدر بـ 160 مليار دج (1) .
كما عرفت المؤسسات العمومية تحولا كبيرا من خلال اعتماد السلطات العمومية الخوصصة كوسيلة وخيارا تنمويا لا يمكن التراجع عنه ، حيث تم وضع الإطار القانوني والتنظيمي لها بإصدار الأمر 95 – 22 المؤرخ في 26 أوت 1995 والذي عدل بالأمر 97 – 12 المتعلق بخصوصة المؤسسات العمومية ، بالإضافة إلى الأمر 95 – 25 المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية للدولة .
وجاء عرض أول قائمة للخوصصة في سنة 1995 وكانت تعني خمس فنادق ، كتجربة أولى ، إلا أن العملية فشلت ولم تتلقى عروضا لشرائها سواء من طرف المتعاملين المحليين أو الأجانب ، وكان هذا لأسباب مختلفة منها الأمنية والتنظيمية باعتبار أن العملية الأولى من نوعها ، وبعد مرور ثلاث سنوات تقريبا عن إقرار الخوصصة ( سنة 1995 ) ، بقي الغموض يميز مسار هذه العملية ، وإن كان البعض يرجعها إلى الغياب الطويل الذي سجله قيام بورصة القيم المنقولة بوصفها المكان الذي تتداول فيه رؤوس الأموال بين المدخرين والمستثمرين ، فمن غير المنطقي الحديث عن بيع أسهم مؤسسة اقتصادية دون وجود بورصة للأوراق المالية التي تحدد ميكانيزمات السوق المالي .
كما أن التأخر في وضع مجلس وطني للخوصصة خلق نوع من التردد في إعداد القوائم للمؤسسات القابلة للخوصصة الذي كان يجب الإنتظار حتى سنة 1998 ، ليعلن السيد عبد الرحمن مبتول (*) عن قائمة تضم 140 مؤسسة ستعرض للخوصصة .
وما يلاحظ هو أن السلطات العمومية ركزت أكثر على حل وتصفية المؤسسات العمومية المحلية ( EPL ) بدل إعتماد خيار الخوصصة ، فقد تم حل 935 مؤسسة من أصل 1324 مؤسسة ، وعملية الحل هذه مرت بمرحلتين (1) :
المـرحـلة الأولـى : وكـانت تـعني المـؤسسات المحـلية الغـير مـستقـلة ، EPL Non Autonome ) ، حيث تم حل 696 مؤسسة ما بين 1994 و 1997 .
المـرحـلة الثـانية : خصصت المؤسسات العمومية المحلية المستقلة ، حيث انطلقت في ديسمبر 1997 ، ومست 293 مؤسسة .
وما يجدر ذكره أن 486 مؤسسة عمومية محلية تم التنازل عنها لصالح الأجراء ، والتي بموجبها تم إنشاء 1152 مؤسسة جديدة للعمال .
إذن فعملية الخوصصة في الجزائر تتسم بالبطء ولم ترقى بعد إلى مستوى التطلعات ، حيث أن هناك تداخل المهام والصلاحيات ، إذ نجد هناك ثلاث هيئات تشرف على العملية : مجلس مساهمات الدولة ، المجلس الوطني للخوصصة ، الشركات القابضة ، بالإضافة إلى وزارة المساهمات وتنسيق الإصلاحات . فهذا يؤدي بنا إلى التساؤل عن ما هي السلطة المخول لها القيام بعملية الخوصصة ؟ غير أن هذا لا يمنعنا من ذكر بعض العمليات الناجحة وهي أساسا عمليات خوصصة جزئية ، تتمثل في فتح رأسمال بعض الشركات العمومية الكبرى : كشركة صيدال التي فتحت 20 % من رأسمالها وذلك بعرض 2,5 مليون سهم للتداول في البورصة ، وشركة رياض سطيف وكذا فندق الأوراسي .
بالإضافة إلى دخول بعض المؤسسات العمومية في شراكة مع مؤسسات أجنبية ، كما هو الحال بالنسبة لشركة ENAD لصناعة المنظفات ومواد الصباغة مع شركة هنكل HENKEL الألمانية ، وكذا مركب الحجار مع شركة هندية للصلب ISPAT .
وكما قلنا سابقا , فمسار الخوصصة بالجزائر لازال في بداية طريقه وتواجهه عدة معوقات تحول دون نجاحه ، يمكن حصرها في (2) :
معوقات داخلية متعلقة بالمؤسسة المراد خوصصتها : تتمثل فـي :
. مشكل ضخامة العمالة في المؤسسات العمومية ، فقد تم تسريح أكثر من 500.000 عامل دون توفير البديل اللائق ، فبالنسبة للعمال الخوصصة تعني مباشرة إحالتهم على البطالة ، مما يجعلها تلقى معارضة حادة من قبلهم ومن قبل النقابات .
. العجز المالي للمؤسسات العمومية ، فحوالي 98 % من المؤسسات العمومية الجزائرية تعاني من صعوبة مالية ، فبالرغم من المبالغ المالية التي صرفت في إطار التطهير المالي لها ، إلا أنها بقيت عاجزة ، فكيف يتم خوصصتها ؟ فالمستثمر لا يملك الشجاعة لشراء مؤسسة مفلسة .
معوقات خارجية متعلقة بمحيط المؤسسة : تتمثل هذه المعوقات في النقاط التالية :
. عدم التمكن من وضع استراتيجية واضحة لعملية الخوصصة على المدى القصير والطويل .
. مشكل العقار ونقص التحفيز للمستثمرين ، فأغلب المؤسسات الاقتصادية من هذا المشكل ، ولها نزاعات حول العقار مع المصالح المختصة ، كما أن نقص التحفيز للإستثمار يجعل المستثمرين ساء المحليين أو الأجانب مترددين في شراء المؤسسات المراد خوصصتها .
. غياب سوق مالية ذات فعالية ، يمثل عائق أما تنفيذ الخوصصة بكل فعالية ونجاح كبير ، حيث ستواجه عملية عرض الأسهم للجمهور صعوبات عديدة عند تطبيقها .
وبغية إعطاء دفع جديد لعملية الخوصصة في الجزائر تم اتخاذ تدابير جديدة متمثلة على وجه الخصوص في إصدار الأمر 01 – 04 المؤرخ في 20 أوت 2001 والتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها ، ولعل أهم ما جاء به هذا الأمر هو إعادة تنظيم القطاع العمومي الاقتصادي والذي كان منظما كما ذكرنا سابقا عن طريق الشركات القابضة الوطنية الإحدى عشر والشركات القابضة الجهوية الخمسة وهذا خلال الفترة [ 1996 – 2001 ] ، فبموجب هذا الأمر تم حل الشـركات القـابضة الوطنية وتـعويضهـا بـ 83 مجـمع صـنـاعي Groupes industriels ) ) تضم 615 فرع ( Filiale ( ، كما تم حل الشركات القابضة الجهوية والتي تضم 377 مؤسسة اقتصادية محلية (*) .
حيث أن التنظيم الجديد المقترح للقطاع العام يتكون من 47 مؤسسة اقتصادية عمومية من بينهـا 28 مؤسسـة فـي شـكل شـركة تـسيـيـر المـسـاهـمـات Société de gestion de participation ) ( و11 مؤسسة مالية ( بنوك عامة ، مؤسسات التأمين ) (1) .
بالإضافة إلى أن هذا الأمر يعتبر بمثابة إطار قانوني جديد لتنظيم عملية الخوصصة وفقا للمعايير المعمول بها دوليا ، حيث تم من خلاله إعطاء صلاحيات محددة للهيئات المكلفة بعملية الخوصصة ، وكذا تبسيط الإجراءات الخاصة لهذه العملية وإبعادها عن الطابع البيروقراطي ، ففي هذا الصدد تم إنشاء مجلس مساهمات الدولة ( CPE) الذي عـوض المـجلس الوطني لمساهمات الدولة ( CNPE ) والذي تتمثل مهامه أساسا في (1) :
يحدد الاستراتيجية الشاملة في مجال مساهمات الدولة والخوصصة .
يحدد السياسات والبرامج فيما يخص مساهمات الدولة وينفذها .
يدرس ملفات الخوصصة ويوافق عليها .
أما فيما يخص عملية تنفيذ برامج الخوصصة التي تم إعدادها كما قلنا عن مجلس مساهمات الدولة والمصادق عليها من قبل مجلس الوزراء فتتم عن طريق وزارة المساهمات وتنسيق الإصلاحات .
فحسب السيد نور الدين بوكروح (*) فإن السلطات الجزائرية بصدد تحضير برنامج وسياسة وطنية للخوصصة وهذا باشتراك ما يقارب 90 % من مدراء المؤسسات العمومية وخبراء من البنك العالمي والاتحاد الأوروبي (2) .
إذن يمكن القول بأن الهدف من وراء كل هذه التدابير هو حتمية الدخول في مرحلة جديدة لتطوير وإسراع وتيرة هذه العملية ، وهذا بغية إعطاء ضمانات أكثر للمستثمرين المحليين أو الأجانب وتشجيعهم على الإستثمار في الجزائر ، خاصة في ظل الإنفتاح الكبير الذي يعرفه الإقتصاد الوطني بعد اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي والإنضمام المحتمل إلى المنظمة العالمية للتجارة .

الفـرع الرابـع : إصـلاح السيـاسـة التـجاريـة :
لقد استمر العمل بالتعليمة رقم 625 التي أعلنت من جديد العودة لمراقبة التجارة الخارجية إلى أن أصدرت التعليمة رقم 13 المؤرخة في 12 أفريل 1994 لتلغي التعليمة السابقة ، وأهم ما احتوته هذه التعليمة هو السماح بكل عملية استراد للبضائع دون أي قيد إداري وهذا انطلاقا من 01 جانفي 1995 .
وبالموازاة مع ذلك عملت الحكومة ابتداء من هذه السنة الفارطة على تحسين الحساب الجاري في المدى المتوسط والتحرير الكامل للتجارة الخارجية والسعي إلى تخفيض المديونية ، وكذا العمل على ترقية الصادرات خارج المحروقات ودعمها بكل الوسائل حتى تلعب دورها الكامل في التنمية الاقتصادية .
ولإنجاز هذا الهدف تم وضع الإطار التنظيمي المتمثل في مؤسسات لتنمية الصادرات مثل :
" CAGEX " ، الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة " CACI " ، الديوان الوطني لترقية التجارة الخارجية " PROMEX " ... ، كما تم اتخاذ إجراءات لتحرير التجارة الخارجية أهمها تخفيض نسب التعريفة الجمركية ، فبعدما كانت تحتوي قبل 1992 على 19 معدل (1)، تم تخفيضها سنة 1992 ليصل المعدل الأعلى 60 % ، ثم 50 % سنة 1996 ، ثم 45 % سنة 1997 (2) .
وتماشيا مع عقد اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ، والإستعداد للإنضمام المرتقب إلى المنظمة العالمية للتجارة ، فإنه تم تحديد نسب جديدة للتعريفة الجمركية وهي 0 % ، 5 % ، 15 % ، 30 % (3) ، وهذا في انتظار التفكيك التدريجي للحواجز الجمركية في إطار الإنضمام إلى منطقة التبادل الحر الأورومتوسطية في آفاق 2010 ، كما تم إلغاء القيمة المحددة إداريا وهي عبارة عن رسم تم إنشاءه بغرض حماية الإنتاج الوطني ويفرض على المنتوجات الأجنبية المنافسة للمنتوجات الوطنية ، وتم تعويضه بالرسم الإضافي التقديري DAP) ) والذي تقدر نسبته حاليا (2003 ) بـ 36 % ، مع العلم أن هذا الرسم يتم تخفيضه سنويا بمعدل 12 % إلى أن يتم إلغاؤه نهائيا في سنة 2006 .

خـاتمـة الفـصـل :
بعد تطرقنا لأهم المراحل التي مر بها الإقتصاد الجزائري وكذا أهم الإصلاحات الاقتصادية التي تم تطبيقها خاصة في سياق التحول من الإقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق ، يمكننا القول بأنه بالرغم من القبول المبدئي بالنتائج الإيجابية التي تم تحقيقها خاصة على المستوى الكلي و المتمثلة أساسا في انتقال الجزائر من وضعية العجز عن تسديد ديونها سنة 1994 إلى وضعية تتمتع فيها بتراكم معتبر لاحتياطات النقد الأجنبي والتي بلغت حوالي 18 مليار دولار سنة 2001 ، وكذا انخفاض المديونية الخارجية من 32,09 مليار دولار سنة 1996 إلى 25,26 مليار دولار سنة 2000 لتصل 22,57 مليار دولار سنة 2001 ، مع انخفاض نسبة خدمة الديون من دخل الدولة من العملة الصعبة التي كانت 95,5 % سنة 1994 ( 47 % بعد عملية إعادة الجدولة ) ثم 29 % سنة 1996 لتصل 22 ، 21 % سنة 2001 ، إضافة إلى انخفاض معدلات التضخم من 29,8 % سنة 1995 إلى 5 ، 7 % سنة 1997 إلى 0,3 % سنة 2000 .
إلا أن الإقتصاد الوطني لم يعرف الإنعاش الذي كان من المنتظر تحقيقه من جراء تطبيق هذه الإصلاحات لأنه مازال مرتبطا بسعر برميل النفط في الأسواق العالمية ، فتحسن الوضعية المالية للجـزائر وكـذا استعادة التوازنات الكلية كان مرده ارتفاع أسعار النفط في سنتي 2000 – 2001 .
فالوضع المالي المستقر نسبيا لم يسهم إلى حد اليوم في إعادة بعث الإستثمار المنتج الكفيل بتوفير مناصب العمل المطلوبة عن طريق تحقيق النمو المرغوب وبذلك تجاوز الآثار والانعكاسات السلبية الناجمة عن السياسة المتبعة منذ مطلع التسعينات والتي تترجم في ارتفاع معدلات البطالة ( حوالي 30 % سنة 2001 ) وزيادة الفقر وتدني القدرة الشرائية للقرد الجزائري ، بل أكثر من ذلك فإن القطاع الإنتاجي في الجزائر عرف تدهور كبير كما بينته معدلات النمو السلبية التي سجلتها مختلف القطاعات الإنتاجية خلال السنوات الأخيرة .
فنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تعتبرها السلطات إيجابية قد لا تدوم مظاهرها الإيجابية فيها إذا لم تقم بوضع استراتيجية اقتصادية شاملة هادفة إلى تأهيل إنعاش اقتصادها وخاصة في ظل الانفتاح الاقتصادي الكبير والذي تعرفه الجزائر وهذا في إطار التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ودخولها حيز التنفيذ في المستقبل القريب وكذا انظمامها المحتمل إلى المنظمة العالمية للتجارة .
إذن ما هي الاستراتيجية التي يمكن بواسطتها تأهيل الاقتصاد الوطني حتى نجنبه الآثار السلبية التي قد تلحق به من جراء هذا الانفتاح ؟ هذا ما سنجيب عنه في الفصل الموالي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طبيب صالح
طبيب صالح
مدير
مدير

عدد المساهمات : 128
نقاط : 246376
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 36
الموقع : https://stcp.forumalgerie.net

https://stcp.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث حول تطور الإقتصاد الجزائري من 1962.....إلى غاية التسعينات   Empty رد: بحث حول تطور الإقتصاد الجزائري من 1962.....إلى غاية التسعينات

مُساهمة من طرف شرون الخميس مارس 17, 2011 8:12 pm

بارك الله فيك يا أخي

شرون

عدد المساهمات : 1
نقاط : 239551
تاريخ التسجيل : 16/03/2011
المزاج : عادي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى